١١ أبريل ٢٠٠٩

خليلّي مرّ بي على أم جندب(امرؤ القيس)

خليلي مر بـي علـى أم جنـدب ... نقـض لبانـات الفـؤاد المعـذب
فإنكمـا إن تنظـرانـي سـاعـة ... من الدهر تنفعني لـدى أم جنـدب
ألم تريانـي كلمـا جئـت طارقـا... وجدت بها طيبـا وإن لـم تطيـب
عقيلـة أتـراب لهـا، لا دميمـة... ولا ذات خلق إن تأملـت جأنـب
ألا ليت شعري كيف حادث وصلها..وكيف تراعـي وصلـة المتغيـب
أدامت على ما بيننـا مـن مـودة... أميمة أم صارت لقـول المخبـب
فإن تنـأ عنهـا حقبـة لا تلاقهـا... فإنـك ممـا أحدثـت بالمجـرب
وقالت متى يبخل عليـك ويعتلـل...يسؤك وإن يكشف غرامك تـدرب
تبصر خليلي هل ترى من ظعائـن...سوالك نقبا بين حزمي شعبعـب
علـون بأنطاكيـة فـوق عقـمـة... كجرمـة نخـل أو كجنـة يثـرب
فلله علينا مـن رأى مـن تفـرق ... أشت وأنأى من فـراق المحصـب
فريقان منهم جـازع بطـن نخلـة... وآخر منهـم قاطـع نجـد كبكـب
فعيناك غربا جدول فـي مفاضـة...كمر الخليج في صفيـح مصـوب
وإنك لـم يفخـر عليـك كفاخـر... ضعيف ولم يغلبـك مثـل مغلـب
وإنـك لـم تقطـع لبانـة عاشـق... بمثـل غـدو أو رواح مــؤوب
بأدمـاء حرجـوج كـأن قتودهـا... على أبلق الكشحين ليس بمغـرب
يغرد بالأسحار فـي كـل سدفـة... تغـرد ميـاح الندامـى المطـرب
أقب ربـاع مـن حميـر عمايـة... يمج لعاع البقل في كـل مشـرب
بمحنيـة قـد آزر الضـال نبتهـا... مجـر جيـوش غانميـن وخيـب
وقد أغتدى والطير فـي وكناتهـا..وماء الندى يجري على كل مذنـب
بمنجـرد قيـد الأوابـد لاحــه... طراد الهوادي كل شـأو مغـرب
على الأين جياش كـأن سراتـه...على الضمر والتعداء سرحة مرقب
يباري الخنوف المستقـل زماعه...ترى شخصه كأنه عود مشحـب
له أيطـلا ظبـي وساقـا نعامـة...وصهوة عير قائـم فـوق مرقـب
ويخطو على صم صـلاب كأنهـا... حجارة غيـل وارسـات بطحلـب
له كفـل كالدعـص لبـده الثـدى... إلى حارك مثـل الغبيـط المـذأب
وعيـن كمـرآة الصنـاع تديرهـا... لمحجرها مـن النصيـف المنقـب
له أذنـان تعـرف العتـق فيهمـا... كسامعتي مذعورة وسـط ربـرب
ومستفلـك الذفـرى كـأن عنانـه... ومثناته في في رأس جذع مشـذب
وأسحـم ريـان العسيـب كـأنـه... عثاكيل قنو من سميحـة مرطـب
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفـه... تقول هزيز الريـح مـرت بأثـأب
يديـر قطـاة كالمحالـة أشرفـت... إلى سنـد مثـل الغبيـط المـذأب
ويخضد في الآري، حتـى كأنـه... به عرة من طائف، غيـر معقـب
فيوما على سـرب نقـي جلـوده... ويومـا علـى بيدانـة أم تولـب
فبينـا نعـاج يرتعـيـن خميـلـة... كمشي العذارى في الملاء المهدب
فكـان تنادينـا وعـقـد عــذاره... وقال صحابي قد شأونـك فاطلـب
فلأيـا بـلأي مـا حملنـا وليدنـا... على ظهر محبوك السراة محنـب
وولى كشؤبـوب العشـي بوابـل... ويخرجن من جعد ثـراه منصـب
فللسـاق ألهـوب وللـسـوط درة... وللزجر منه وقـع أهـوج منعـب
فأدرك لم يجهد ولـم يثـن شـأوه... يمر كخـذروف الوليـد المثقـب
ترى الفأر في مستنقع القاع لاحبا..على جدد الصحراء من شد ملهب
خفاهـن مـن أنفاقـهـن كأنـمـا... خفاهن ودق مـن عشـي مجلـب
فعادى عـداء بيـن ثـور ونعجـة... وبين شبـوب كالقضيمـة قرهـب
وظـل لثيـران الصريـم غماغـم... يداعسهـا بالسمهـري المعـلـب
فكاب على حـر الجبيـن ومتـقب...مدريـة كأنهـا ذلـق مشـعـب
وقلنـا لفتيـان كـرام ألا انزلـوا... فعالوا علينا فضل ثـوب مطنـب
وأوتــاده مـاذيـة وعـمــاده... ردينيـة فيهـا أسنـة قعـضـب
وأطنابه أشطان خـوص نجائـب...وصهوته مـن أتحمـي مشرعـب
فلمـا دخلنـاه أصفنـا ظهـورنـا... إلى كل حـاري جديـد مشطـب
كأن عيون الوحش حـول خبائنـا... وأرجلنا الجزع الـذي لـم يثقـب
نمـش بأعـراف الجيـاد أكفـنـا... إذا نحن قمنا عن شـواء مضهـب
ورحنا كأنا مـن جواثـي عشيـة... نعالي النعاج بين عـدل ومحقـب
وراح كتيس الربل ينفـض رأسـه... أذاة بـه مـن صائـك متحـلـب
كأنـك دمـاء الهاديـات بنـحـره... عصارة حنـاء بشيـب مخضـب
وأنت إذا استدبرتـه سد فرجه...بضاف فويق الأرض ليس بأصهب

ليست هناك تعليقات: