٢ مارس ٢٠٠٩

نازك الملائكة ..في وادي العبيد

نازك الملائكة
قصيده : في وادي العبيد
ضاع عُمْري في دياجيرِ الحياة *** وخَبَتْ أحلامُ قلبــي المُغْرَقِ
ها أنا وحدي على شطِّ المماتِ *** والأعاصيــرُ تُنادي زورقي
ليس في عينيّ غيـرُ العَبَراتِ *** والظلالُ السودُ تحمي مفرقي
ليس في سَمْعيَ غيرُ الصَرَخاتِ *** أسفاً للعُمْـــرِ، ماذا قد بَقِي ؟
******************
سَنَواتُ العُمْر مرّت بي سِراعا *** وتوارتْ في دُجَى الماضي البعيدْ
وتبقَّيْتُ على البحْر شِراعـا *** مُغرَقاً في الدمْع والحزنِ المُبيدْ
وحدتـي تقتلُني والعُمْرُ ضاعا *** والأَسى لم يُبْقِ لي حُلماً "جديدْ"
وظلامُ العيْش لم يُبْقِ شُعَاعـا *** والشَّبابُ الغَضُّ يَذْوي ويَبِيـدْ
****************
أيُّ مأساةٍ حياتي وصِبايــا *** أيّ نارٍ خلفَ صَمْتي وشَكاتي
كتمتْ روحي وباحتْ مُقْلتايا *** ليتها ضنّتْ بأسـرار حياتـي
ولمن أشكو عذابـي وأسَايا ؟ *** ولمن أُرْسـلُ هذي الأغنياتِ ؟
وحوالـيَّ عبيـدٌ وضحايـا *** ووجودٌ مُغْـرَقٌ فـي الظُلُماتِ
*************
أيُّ معنىً لطُموحي ورجائـي *** شَهِدَ الموتُ بضَعْفـي البَشريّ
ليس في الأرض لُحزْني من عزاءِ *** فاحتدامُ الشرِّ طبْعُ الآدمــيِّ
مُثُلي العُلْيا وحُلْمي وسَمَائـي *** كلُّها أوهامُ قلبٍ شاعــريِّ
هكذا قالوا ... فما مَعْنى بَقائي ؟ *** رحمةَ الأقدارِ بالقلب الشقــيِّ
**************
لا أُريدُ العيشَ في وادي العبيـدِ *** بين أَمواتٍ ... وإِن لم يُدْفَنـوا
جُثَثٌ ترسَفُ في أسْرِ القُيــودِ *** وتماثيلُ اجتـوتْها الأَْعيُـــنُ
آدميّونَ ولكـنْ كالقُــرودِ *** وضِبَاعٌ شَرْســةٌ لا تُؤمَــنُ
أبداً أُسْمعُهـم عذْبَ نشيـدي *** وهُمُ نومٌ عميـقٌ مُحْـــزنُ
***************
قلبيَ الحُرُّ الـذي لم يَفْهمـوهُ *** سوف يلْقَى في أغانيــه العَزَاءَ
لا يَظُنّوا أَنَّهم قـد سحقـوهُ *** فهو ما زالَ جَمَالاً ونَقَــاءَ
سوف تمضي في التسابيح سِنوهُ *** وهمُ في الشرِّ فجراً ومســاءَ
في حَضيضٍ من أَذاهْم ألفـوهُ *** مُظْلمٍ لا حُسْنَ فيه ، لا ضياءَ
*******************
إِن أَكنْ عاشقةَ الليلِ فكأسـي *** مُشْرِقٌ بالضوءِ والحُبِّ الوَريقِ
وجَمَالُ الليلِ قد طهّرَ نفسـي *** بالدُجَى والهمس والصمْتِ العميقِ
أبداً يملأ أوهامــي وحسِّـي *** بمعاني الرّوحِ والشِعْرِ الرقيـقِ
*****************
فدعوا لي ليلَ أحلامي ويأسي *** ولكم أنتم تباشير الحياة
************

ليست هناك تعليقات: